حسبي الله ونعم الوكيل

عادة ما اسمع هذه الدعوة الجميلة في غير محلها. نسمع أثنان يتخاصما فيقول احدهم “حسبي الله ونعم الوكيل فيك” يا جماعة أنتم فاهمين الدعوة غلط!!

“ومن يتوكل على الله فهو حسبه، إن الله بالغ أمره” 

ما اجمل هذه الدعوة. تقولها وانت ساجد بين يدي المولى جل وعلى “اللهم انت حسبي ونعم الوكيل”. تقولها وانت منكسر خاشع لله تعلن فيها توكلك التام عليه. تعيش بها حياتك في كل ما أهمك وتعلم يقينا بعد ذلك صدق وعد الله لك. هو حسبك، هو كافيك. هو مبلغك امرك. هو نعم الوكيل! 

“وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل* فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء”

تدبر الفاتحة في الصلاة

أكبر فرصة لتدبر القرآن هي في أثناء الصلاة, فالمرء فيها يكون أقرب لله مما سواها. حري بنا إذا لم نتدبر القران أثناء الصلاة ألا نتدبره في غيره.

 تستحضرني هنا قصة تدبر “فاشلة” لي. كان أخي الكبير محمد يصلي بي إماما في صلاة العصر. قرأ الفاتحة بالجهر (وأخوكم لم يلاحظ اي مشكلة) حتى وصل إلى “اياك نعبد واياك نستعين” واستوعب أنه يصلي بالجهر فأسر. أخوكم ما زال لم يستوعب. أقول في نفسي: معقول محمد نسي الفاتحة. انتظرت لحظات لعله يتذكر. ثم قلت بكل ثقة “اهدنا الصراط المستقيم” واستوعبت أثناءها أن الصلاة بالسر. وأستوعب اليوم ضعف خشوعي وتدبري للقران حينها (وما زالت معركة الخشوع والتدبر قائمة) اسأل الله أن يجعلني وإياكم من المقيمي الصلاة

تدبر القران رياضة علينا ان نمارسها كل يوم حتى نحسنها. وأفضل تمرين لذلك هو تدبر سورة الفاتحة أثناء الصلاة. ويكفي حافزا لتدبر سورة الفاتحة الحديث القدسي

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : قال الله تعالى: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل ، فإذا قال العبد : الحمد لله رب العالمين ، قال الله تعالى : حمدني عبدي ، وإذا قال : الرحمن الرحيم ، قال الله تعالى : أثنى علي عبدي ، وإذا قال : مالك يوم الدين ، قال : مجدني عبدي ، وقال مرة : فوض إلي عبدي ، فإذا قال : إياك نعبد وإياك نستعين ، قال : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل ، فإذا قال : اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم ، غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، قال : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ) رواه مسلم وأصحاب السنن الأربعة

  وما أجمل أن يدخل المرء في الصلاة بكل هموم الدنيا فيقول “اياك نعبد واياك نستعين” ويعلم يقينا أن الله تعالى سيعينه في ما اهمه

“اياك نعبد واياك نستعين” 🙂

لإيلاف قريش

منذ ما يقارب عشر سنين قال لي أخي أحمد: تعرف أن طول عمري كنت أفكر أن هناك شخص اسمه “ايلا”, وكنت أفهم سورة قريش هكذا: ايلا في قريش, ايلا فهم رحلة الشتاء والصيف

ضحكنا ذلك اليوم على خطؤه في الفهم, لكن في الحقيقة كان أفضل مني, فهو على الأقل حاول أن يتدبر, أما انا فبقيت لا أفهم بالضبط معنى  “إيلاف قريش” الا عندما اضررت الى شرحها لأبنائي منذ اشهر قليلة. أعجبني تفسير الاية كثير فأحببت ان انقله لكم (من تفسير القرطبي) 

قال الفراء: هذه السورة متصلة بالسورة الأولى (سورة الفيل)؛ لأنه ذكّر أهل مكة عظيم نعمته عليهم فيما فعل بالحبشة، ثم قال: « لإيلاف قريش »أي فعلنا ذلك بأصحاب الفيل نعمة منا على قريش. وذلك أن قريشا كانت تخرج في تجارتها، فلا يُغار عليها ولا تُقرب في الجاهلية. يقولون هم أهل بيت الله جل وعز؛ حتى جاء صاحب الفيل ليهدم الكعبة، ويأخذ حجارتها، فيبني بها بيتا في اليمن يحج الناس إليه، فأهلكهم الله عز وجل، فذكرهم نعمته. أي فجعل الله ذلك لإيلاف قريش، أي ليألفوا الخروج ولا يجتزأ عليهم.

 

تدبر ثم احفظ

بعد اكثر من ٢٠ سنة من حفظي لجزء عمّ، استوعبت أني لا افهم كثير من آياته. حتى وجدت نفسي أقرأ سورة قريش هكذا: “إيلافهم” وأقف ثم اكمل “رحلة الشتاء والصيف”. تخيل ان تقرأ جملة “أكل الرجل التفاحة” بالوقف فتقول “أكل…الرجل التفاحة” هذا ما يحدث عندما تحفظ بلا تدبر!

لا ادري ما سبب هذه المشكلة. قد يكون جزء من المشكلة هو عدم  فهم بعض كلمات القران، لكن لا بد ان هناك أسبابا اخرى. قد يكون إهمالي، قد يكون نظام التعليم الذي يركز على الحفظ، وقد يكون كتب التفسير الصعبة التي لا تستهدف الأطفال. بغض النظر عن السبب، المشكلة لا بد لها من حل. وأول خطوة هي ان نفهم هذه الاولوية: التدبر أولى من الحفظ

اليوم اقول لأبنائي. لا تقرأ ما لا تفهم! هذا كلام الله نزل لنفهمه ونتدبره لا أن نقرأه كمن يقرأ الطلاسم

عامية أم فصحى

كثيرا ما اتفكر في العقبات التي تمنع أولادي من تدبر القران.
وجدت ان لغتنا العامية التي نتحدث بها كل يوم ليست لغة عربية، إنما شيء غريب ليس بأعجمي ولا بعربي. كيف لأبنائي أن يتبدروا القرآن وهم لا يفهمون كلامه؟
فكرت في أن أتحدث معهم باللغة الفصحى، لكني وجدت أني أنا أيضا لا أستطيع أن أتحدث الفصحى بطلاقة!
لا أدري ما الذي سأفعله. لكني الذي أعرفه أن أولادي بحول الله سيتدبرون القران ويستمتعون به